استخدام خداع "التحقق من خلال الإثبات" (Confirmation Bias Fraud) واستخدامه في الترويج والتسويق والدعاية الي وجود علوم جديدة وهي زائفة 

Confirmation Bias

تعريف التحقق من خلال الإثبات (Confirmation Bias)

يُعرف التحقق من خلال الإثبات بأنه ميل الناس إلى البحث عن المعلومات التي تؤكد معتقداتهم الحالية وتجاهل الأدلة التي تعارضها. هذا الانحياز المعرفي يجعل الأشخاص يركزون فقط على الأمثلة التي تدعم وجهة نظرهم، مما يؤدي إلى تبني أفكار غير دقيقة أو زائفة.

كيف يتحول إلى خداع؟

يصبح هذا التحيز أداة للخداع (Fraud) عندما يتم التلاعب بالمعلومات بشكل متعمد لإقناع الناس بصحة ادعاء معين، من خلال:

  1. عرض الأدلة الداعمة فقط (Selective Evidence Presentation):

    • يتم إظهار البيانات التي تؤيد الادعاء وإخفاء الأدلة التي تنقضه.
    • مثال: مسوّق يدّعي أن منتجًا معينًا فعال لأن "90% من المستخدمين أفادوا بأنه يعمل"، لكنه لا يذكر أن العينة صغيرة أو غير محايدة.
  2. الاعتماد على القصص الشخصية بدلًا من البيانات العلمية (Anecdotal Evidence Over Scientific Data):

    • يتم التركيز على شهادات فردية بدلًا من الأدلة الموضوعية.
    • مثال: إعلان يروّج لعلاج بديل عبر عرض أشخاص يدّعون أنهم تعافوا، مع تجاهل من لم يستفيدوا.
  3. انحياز النجاة (Survivorship Bias):

    • يتم التركيز على الحالات الناجحة فقط، مما يجعل الجمهور يعتقد أن النجاح مضمون.
    • مثال: "ريادة الأعمال هي الطريق للثراء"، بينما لا يُذكر آلاف الأشخاص الذين فشلوا رغم اتباع نفس الخطوات.
  4. المغالطة الدائرية (Circular Reasoning):

    • يتم إثبات الادعاء باستخدامه نفسه دون أدلة مستقلة.
    • مثال: "هذه الطريقة فعالة لأن الأشخاص الذين استخدموها قالوا إنها فعالة!"

📌 كيف يعمل التحقق من خلال الإثبات؟

يُعرف التحقق من خلال الإثبات (Confirmation Bias) بأنه ميل الأفراد إلى البحث عن المعلومات التي تتماشى مع معتقداتهم الحالية، وتجاهل أو استبعاد الأدلة التي تعارضها. يُعد هذا الانحياز الإدراكي واحدًا من أكبر العقبات أمام التفكير النقدي (Critical Thinking)، حيث يمنع الأشخاص من رؤية الحقيقة الكاملة، مما يجعلهم أكثر عرضة للمعلومات الزائفة والتلاعب الفكري.

في كثير من الأحيان، لا يدرك الأشخاص أنهم واقعون تحت تأثير خداع التحقق من خلال الإثبات، حيث يميل الدماغ البشري إلى تفضيل المعلومات التي تدعم قناعاته الراسخة، مما يؤدي إلى بناء نظام فكري مغلق غير قابل للتغيير أو التطوير.

📌 لماذا يقع البشر في فخ التحقق من خلال الإثبات؟

1️⃣ الراحة النفسية وتجنب التوتر المعرفي (Cognitive Dissonance)

  • عندما يواجه الإنسان معلومات تتعارض مع ما يعتقده، فإنه يشعر بالتوتر العقلي (Cognitive Dissonance).
  • بدلًا من التعامل مع هذا التوتر من خلال إعادة النظر في قناعاته، يقوم بتجاهل الأدلة المخالفة والتمسك فقط بما يدعم وجهة نظره.

2️⃣ الانتماء الاجتماعي وتجنب العزلة (Social Conformity)

  • في المجتمعات أو المجموعات التي تتبنى اعتقادات معينة، يصبح من الصعب على الأفراد التشكيك أو البحث عن أدلة معارضة، خوفًا من رفض المجموعة أو العزلة الاجتماعية.
  • هذا يظهر بوضوح في المعتقدات السياسية، الدينية، والعادات الاجتماعية حيث يُفضل الأفراد التوافق الجماعي (Groupthink) على البحث النقدي المستقل.

3️⃣ تأثير الإعلام والتسويق الموجه (Media and Targeted Marketing)

  • تستخدم وسائل الإعلام والتسويق أساليب مدروسة لترسيخ أفكار معينة من خلال تكرار المعلومات المؤيدة وتجاهل أي أدلة معارضة.
  • يتم تصميم الخوارزميات في وسائل التواصل الاجتماعي لإظهار المحتوى الذي يتماشى مع اهتمامات المستخدمين، مما يعزز فقاعة المعلومات (Information Bubble) التي تجعلهم غير معرضين لوجهات نظر مختلفة.

أمثلة من الواقع على خداع التحقق من خلال الإثبات

🔹 التنجيم (Astrology):

  • يُقال: "أبراجك صحيحة لأن العديد من الأشخاص يجدونها دقيقة!"
  • لا يتم ذكر كل الحالات التي لم تكن الأبراج فيها دقيقة.

🔹 التسويق المضلل (Misleading Marketing):

  • إعلان عن نظام غذائي يدّعي: "كل من جرّبه فقد الوزن!"
  • لا يتم ذكر الأشخاص الذين لم يفقدوا الوزن أو عانوا من آثار جانبية.

🔹 العلوم الزائفة (Pseudoscience):

  • بعض الممارسات مثل "علم الطاقة"، حيث يتم التركيز على الأشخاص الذين ادّعوا تحسنهم، دون تقديم دراسات موثوقة.

كيف نكشف خداع التحقق من خلال الإثبات؟

البحث عن الأدلة المخالفة (Seek Disconfirming Evidence):

  • هل هناك دراسات علمية تنقض الادعاء؟
    تحليل منهجية البحث (Analyze Methodology):
  • كيف تم جمع البيانات؟ هل العينة ممثلة؟
    تجنب التحيز العاطفي (Avoid Emotional Persuasion):
  • هل يتم اللعب على العاطفة بدلًا من تقديم حقائق؟
    طرح الأسئلة النقدية (Ask Critical Questions):
  • هل كل الحالات تؤيد الادعاء أم أن هناك استثناءات؟

لماذا يشكل هذا الخداع خطرًا؟

عندما يتم تطبيق خداع التحقق من خلال الإثبات (Confirmation Bias Fraud)، فإنه يؤدي إلى:

  1. تعزيز المعتقدات الخاطئة (Reinforcement of False Beliefs):
    • عندما يرى الناس فقط الأدلة التي تدعم وجهة نظرهم، فإنهم يصبحون أكثر اقتناعًا بها، حتى لو كانت خاطئة أو غير علمية.
  2. نشر المعلومات المضللة (Spread of Misinformation):
    • يتم تكرار الادعاءات الزائفة مرارًا، مما يؤدي إلى انتشارها بشكل واسع، خاصة في وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي.
  3. اتخاذ قرارات خاطئة (Poor Decision-Making):
    • يؤدي الاعتماد على معلومات مضللة إلى اتخاذ قرارات سيئة في الصحة، المال، وحتى السياسات العامة.
  4. التأثير على البحث العلمي (Impact on Scientific Research):
    • إذا لم يتم التحقق من صحة النظريات من خلال قابلية الدحض (Falsifiability)، فإن العلم يفقد قدرته على التطور وتصحيح أخطائه.

كيف نحمي أنفسنا من هذا الخداع؟

تعلم التفكير النقدي (Develop Critical Thinking):

  • لا يجب قبول أي ادعاء دون تحليل الأدلة من جميع الزوايا، والبحث عن المصادر الموثوقة.
    البحث عن الأدلة الداحضة (Look for Disconfirming Evidence):
  • بدلاً من التركيز فقط على الأدلة المؤيدة، يجب البحث عن الحجج المخالفة لاختبار مدى صحة الادعاء.
    التأكد من المنهجية العلمية (Verify Scientific Methodology):
  • عند الاطلاع على دراسة علمية، يجب التحقق مما إذا كانت قابلة للاختبار والتكرار (Testable & Replicable).
    تجنب التحيز العاطفي (Avoid Emotional Bias):
  • يجب الانتباه إلى أساليب التلاعب العاطفي (Emotional Manipulation) التي تهدف إلى التأثير على القرارات دون تقديم أدلة منطقية.
    استخدام مصادر موثوقة (Rely on Credible Sources):
  • من المهم الاعتماد على المصادر العلمية الموثوقة مثل الدراسات المحكمة (Peer-Reviewed Studies) والمنظمات البحثية المحايدة.

استنتاج

يُستخدم التحقق من خلال الإثبات كأداة قوية للخداع في التسويق، الإعلام، والعلوم الزائفة، مما يجعل الأفكار الزائفة تبدو صحيحة فقط لأن الأدلة المخالفة يتم تجاهلها. من خلال التفكير النقدي (Critical Thinking) والاعتماد على التحليل العلمي (Scientific Analysis)، يمكننا تجنب الوقوع في هذا النوع من التضليل. 

إذا لم نمارس التفكير النقدي (Critical Thinking) ولم نبحث عن الأدلة الداحضة (Falsification Evidence)، فإننا سنظل عرضة لخداع التحقق من خلال الإثبات، وسنقع بسهولة ضحايا للمعلومات المضللة. في المقابل، العلم الحقيقي يعتمد على التحقق المستمر، التجربة، والدحض المنهجي، مما يسمح لنا بتمييز الحقائق عن الأكاذيب. بالتفكير العلمي، يمكننا حماية أنفسنا من التضليل واتخاذ قرارات مستنيرة قائمة على الأدلة.